|
انخفاض ضغط الدم يعاني منه الكثيرون, ويشكّل خطورة صحية لا تقل في بعض الأحيان عن خطورة ضغط الدم المرتفع. مثلما يرتفع ضغط الدم ويحلّق في مستويات عالية يمكن لها أن تؤذي القلب والدماغ والكلى, فقد يهبط إلى مستويات منخفضة مسببًا الدوخة والإغماء وغيرهما.
ويمكن لضغط الدم أن يتأرجح خلال النهار, فيختلف تبعًا للحالة التي أنت فيها, فأدنى مستوى لضغط الدم يكون أثناء نومك, أو عندما تسترخي عضلاتك, ويهدأ بالك. بالمقابل, يرتفع ضغط الدم إذا قمت بنشاط بدني أو توتّرت أعصابك, وقد يتأرجح ضغط الدم الانقباضي عندك في اليوم الواحد في حدود 20-30 ملم زئبقي, كما قد يتأرجح الضغط الانبساطي بنسب موازية, ولهذا يجب قياس ضغط الدم في كل مرة في الظروف نفسها.
وينبغي أن نميز ثلاث حالات من انخفاض ضغط الدم:
الأولى: وفيها يكون ضغط الدم منخفضًا عند أناس طبيعيين ولا يشكون عادة من أي أعراض.
الثانية: هبوط ضغط الدم الشديد والمفاجئ نتيجة نزف أو فقدان سوائل أو غير ذلك, وهذه الحال تحتاج عادة إلى معالجة في المستشفى.
الثالثة: هبوط ضغط الدم الانتصابي أي أثناء الوقوف, فقد يكون الضغط طبيعيًا أو في الحدود الدنيا من الطبيعي, وينخفض ضغط الدم بشكل واضح أثناء الوقوف مما يسبب الأعراض للمريض.
ضغط الدم المنخفض
يعرّف ضغط الدم المنخفض بأنه الحال التي يكون فيها ضغط الدم عند المريض أدنى من 90/60 ملم زئبقي. وعادة فإن الضغط المنخفض قليلا لا يسبب أي أعراض ولا يحتاج إلى أي دواء. وقد يكون علامة على صحة جيدة عند البعض مثل الرياضيين. ومعظم الناس الذين يدور ضغط دمهم حول 90/60 ملم زئبقي هم أسوياء ومحظوظون, فهم محميون من الوقوع في براثن العادات السيئة التي نفعلها نحن, والتي تزيد من ضغط الدم, كتناول الأطعمة المالحة والبدانة وقلة الحركة…إلخ.
وعندما يقف الإنسان فإن الدم يتجمّع في الأحوال الطبيعية في أوردة الساقين, ويسيطر على هذه الآلية مجموعة من الأعصاب التي تأمر أوردة الساقين بالانقباض, وذلك لتأمين كمية كافية من الدم تعود إلى القلب, فلا تنقص كمية الدم التي يضخها القلب إلى الجسم, وبالتالي يؤمن كمية كافية من الدم تروي الدماغ.
فإذا ما تجمع الدم في الأوردة, نقصت كمية الدم العائدة إلى القلب , ومن ثم نقصت كمية الدم الذاهبة إلى الدماغ مما يسبب الدوخة, أو ربما الإغماء عند بعض الناس. وهذا ما يحدث تمامًا عند بعض أفراد الحرس, حيث يمكن أن يصاب أحدهم بالإغماء نتيجة الوقوف المديد في مكان واحد.
فإذا كان ضغط الدم لديك منخفضا وحدثت لديك أعراض الدوخة أو الإغماء عند الوقوف فجأة, فعليك بقياس الدم في وضعية الاضطجاع ثم الوقوف. وهذا ما يسمى (هبوط ضغط الدم الانتصابي).
وتختلف الآراء الطبية في مدى الاستجابة لحالات ضغط الدم المنخفض . ففي حين يعتبر الإنجليز انخفاض ضغط الدم الخفيف أمرًا غير مهم ما لم يكن سببه فقدانًا للدم, أو رضوضًا شديدة, أو إنتانًا شديدًا أو صدمة إنتانية, نجد الأمريكيين والألمان والفرنسيين يتناولون أدوية بانتظام لرفع ضغط الدم عند ذوي الضغط المنخفض.
فإذا كنت تشعر بأنك على مايرام, فإن معظم الأطباء في بريطانيا لا يصفون أي علاج في هذه الحالات. ولكن يجب التأكد من شيء مهم وهو أنه إذا لم تكن تشعر بصحة جيدة أو كنت مصابًا بالتجفاف, فإن ضغطك قد يكون منخفضا أو يميل للانخفاض عند الوقوف. وعندها يجب تناول كميات وافرة من السوائل, بمعدل ليترين على الأقل في اليوم في الطقس المعتدل, وأكثر من ثلاثة ليترات يوميًا في الطقس الحار, وقد يحتاج الأمر إلى تناول الملح.
وكان الأطباء في الماضي يعتقدون أن هبوط ضغط الدم الانقباضي إلى ما دون 90 ملم زئبقي يمكن أن يسبب الإعياء والتعب والاكتئاب, وكثيرا ما عولجت خطأ نساء مصابات بضغط دم منخفض بأدوية مثيرة للجملة العصبية.
وأخيرًا أكّدت الدراسات الحديثة أنه لاعلاقة هناك بين الاكتئاب والإعياء من جهة, وضغط الدم المنخفض من جهة أخرى.
الهبوط الفجائي لضغط الدم
قد يشكّل الانخفاض الشديد والسريع في ضغط الدم خطرا مهددا للحياة, ويمكن أن ينجم ذلك عن فقدان كميات من الدم, بسبب نزيف خارجي أو داخلي, أو تجفاف شديد, أو إنتان وتسمم جرثومي في الدم, أو ارتكاس شديد لأحد الأدوية, أو فشل حاد في عضلة القلب وغيرها.وعندما يهبط ضغط الدم إلى مستويات منخفضة جدا, فإن أول عضو تضطرب وظائفه هو الدماغ, وذلك لأن الدماغ يقبع في أعلى الجسم, وعلى الدم أن يحارب الجاذبية الأرضية للوصول إليه. وإذا استمر الضغط منخفضًا, أصيبت بقية الأعضاء بالاضطراب, وهذا ما يسمى بحالة الصدمة , وأسباب انخفاضه:-
1- نقص كمية الدم والسوائل بالجسم
يحدث فقدان الدم من الجسم عن طريق النزيف الخارجي ، أو النزيف الداخلي مثل قرحة المعدة والأمعاء ، أو عند إصابة أحد الشرايين الرئيسية نتيجة التعرض لحادثة مثل حوادث الطريق ، أو أثناء إجراء جراحة بالصدر أو البطن أو الحوض . أما فقدان السوائل بكمية كبيرة فيصاحب الحروق غير المحدودة ، وحالات القيء والإسهال الشديدة ، كما في مرض الكوليرا مثلاً ويؤدي فقدان الدم والسوائل إلى انخفاض كمية الدم الواردة إلى القلب والصادرة منه . وفي الحالات البسيطة يتمكن الجسم من التغلب على نقص الدم الوارد للقلب والاحتفاظ بالضغط قريباً من معدلاته الطبيعية ، وذلك عن طريق تنشيط الجهاز العصبي السمبثاوي الضابط وزيادة إفراز هرمونات الغدة فوق الكلية وجهاز الرينين – أنجيوتنسين ، مما يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية والإقلال من إدرار البول .
2- الاتساع الحاد للأوعية الدموية
تتسع الأوعية الدموية بدرجة كبيرة ومفاجئة نتيجة لما يعرف بالصدمة العصبية ، حيث تفقد الأوعية الدموية والشرايين الصغيرة المختصة بالمقاومة الطرفية قدرتها على الانقباض مما يؤدي إلى انخفاض الضغط بمعدلات كبيرة . وتتمثل أهم أسباب الصدمة العصبية في التسمم الميكروبي الدموي الشديد ، أو الألم الشديد ، أو حدوث خلل بالغدد الصماء . وقد يحدث اتساع الأوعية الدموية أيضاً نتيجة تناول العقاقير الخافضة للضغط التي تؤثر مباشرة على درجة انقباض الشرايين الصغيرة بالجسم ، وكذلك في حالات الحساسية الشديدة لأحد العقاقير كالبنسلين مثلاً . ومع اتساع الأوعية الدموية تبدأ السوائل داخل الأوعية الدموية في التسرب إلى الأنسجة المجاورة ، فتقل كمية الدم مما يعجل بحدوث انخفاض ضغط الدم
3- الهبوط الحاد المفاجئ للقلب
في بعض الحالات قد تتعرض قدرة القلب على ضخ الدم للتدهور ، فينخفض حجم الدم الصادر منه ومن ثم ينخفض الضغط . وتشمل هذه الحالات : حدوث فشل مفاجئ بعضلة القلب ، أو انسداد الشريان الرئوي الرئيسي ، أو ظهور ارتشاح كبير ومفاجئ بالغشاء الخارجي للقلب ( التامور ) . ومن الأسباب الرئيسية لفشل عضلة القلب المفاجئ حدوث انسداد بأحد الشرايين المغذية للعضلة ، والمعروفة باسم الشرايين التاجية ، وذلك نتيجة وجود جلطة دموية حادة داخل الشريان تسبب تدمير جزء كبير من عضلة القلب . وتؤثر هذه الإصابة بعضلة القلب في قدرتها على الانقباض ، وتقل بالتالي كمية الدم التي يضخها القلب . وقد تؤدي إصابة عضلة القلب بالتهاب شديد وحاد إلى تعرضها أيضاً للفشل المفاجئ .