|
صحة وغذاء /
لا يزال مرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب مجهولاً لدى الكثيرين، وتشير الدراسات الى ان 85 % من الحالات في لبنان تجهل انها مصابة بهذا المرض الذي يحملك في آن معًا الى موجة من الابتهاج الهوسي بعدها الى غرق في حزن شديد، علمًا ان هذا المرض يستهدف المبدعين.
وبعد عشرين عامًا على معرفته باصابته بمرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، يعود سامي بالذاكرة الى اليوم الذي كان يتخصص فيه طبيبًا، ما نتج عن آثار للحرب في لبنان وكذلك بسبب عوامل وراثية اصيب بهذا المرض وهو على مقاعد الدراسة، ويقول سامي ان ذلك منعه من اكمال تخصصه، واتجه الى اختصاص اكثر سهولة لان النوبات التي كان يمر بها فضلاً عن الآثار الجانبية للدواء الذي كان يتناوله حينها ساهما في عدم قدرته على متابعة تحصيله العلمي كطبيب.
اليوم يعيش سامي حياة شبه طبيعية، ويؤكد ان عائلته وزوجته يتفهمون جميعًا بعض النوبات التي يمر بها من فرح شديد بلا سبب الى حزن عميق بلا سبب ايضًا، ويؤكد سامي بانه مواظب على استشارة طبيبه النفسي وكذلك تناول الدواء لمدى الحياة.
في لبنان اليوم حالات عدة لمرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب ( bipolar desease) والمؤسف ان 85 % من حالات هذا المرض لا يتم اكتشافها، ومرض اضطراب ثنائي القطب هو مرض نفسيّ، يعاني المصاب به من تناوب بين فترات من الكآبة، وبين أخرى من الابتهاج غير الطبيعي. وينتشر المرض بنسبة خمسة إلى ثمانية في المئة بين الناس في العالم، وبنسبة 2.4 في المئة عند الأفراد في لبنان.
وللمزيد من الاضاءة على الموضوع التقت ايلاف الدكتور مارون خوري ( اختصاصي امراض نفسية).
ولدى سؤاله من هي الفئة التي تصاب اكثر بهذا المرض يقول الدكتور خوري ان الدراسات العالميّة تؤكّد أن نسبة أربعين إلى ثمانين في المئة من الكتاب والرسامين عانوا من تقلّبات في المزاج كالرسام الهولندي فينست فان غوخ ( 1853-1890) والشاعر الأميركي إدغار آلان بو (1809-1849)، والكاتب الأميركي إرنست همينغوي (1899-1961) وغيرهم، وقد اكدت بعض الدراسات ان هناك ارتباطًا وثيقًا بين الابداع لدى الاشخاص وبين اصابتهم بالمرض، فاكثر الكتاب والفنانين والمخرجين الكبار نلاحظ لديهم اصابة بهذا المرض
ما هو بالتحديد الاضطراب الوجداني ثنائي القطب؟
هو شعور الفرد بالسعادة والحزن في وقت واحد ولكن هذا الشعور يمكن ان يكون شديدًا كأن يشعر بسعادة بالغة أو حزن شديد
ويكون المريض الذي يعاني منه ذو مزاج متأرجح فيمكن ان يتحول مزاجه من الحزن الشديد اي الاكتئاب الى سعادة بالغة اي الهوس.
ماهي نوبات المزاج لهذا المرض؟
الاضطراب الوجداني ثنائي القطب مرض انتكاسي يسير على هيئة دورات. ففي أحد أجزاء الدورة نجده يتسم بأعراض الاكتئاب . وفي أجزاء أخرى نجده يتسم بالهوس. ويكون لدى لمريض عادة جنوح نحو الشعور بانه يريد ان ينهي حياته وينتحر.
ما هي عوراض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب؟
من الصعب تشخيص هذا النوع من الاكتئاب حيث يعرض المريض مرضه بطريقة خاطئة ولذلك فانه من المهم معرفة اعراض هذا المرض وهي تختلف من شخص لاخر وهي تنقسم الي اعراض للاكتئاب واعراض للابتهاج.
من هم الاكثر عرضة للمرض؟
تلعب الوراثة دورًا هامًا في هذا المرض وغالبًا ما يصيب هذا المرض المراهقين والشباب ولكنه يمكن ان يصيب الاطفال وكبار السن
من الممكن ان يكون هناك علاقة ما بين الهرمونات والاضطراب الوجداني ثنائي القطب فقد وجد العلماء علاقة ما بين هرمون الثيروكوسين وحدوث المرض
كيف يمكن علاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطب؟
علاج هذا المرض يختلف من مريض الى آخر فما يفيد مريضًا قد لايؤثر في آخر ولذلك فمن المهم للغاية استشارة الطبيب للوصول الى افضل طريق للعلاج، عمومًا فان العلاج ينقسم الى علاج دوائي وعلاج نفسي
في العلاج الدوائي الادوية التي تستخدم هي مثبتات المزاج: وهي مجموعة من الادوية التي تهدف الى منع او تأخير نوبات المرض
ومنها الليثيوم وادوية مضادات الصرع ويجب الا نهمل كذلك المتابعة المستمرة من خلال العلاج النفسي.
موقف الاهل ورعايتهم
لا يجب، وفق الدكتور خوري على الأهل والمقربين رفض هؤلاء الأشخاص أو التوجه إليهم بعبارات "ما بك شي"، وما "تصرّخ"، و"ما عندك إرادة"، بل من المستحسن تقبّل هؤلاء الأفراد، وتفهّم حالتهم والإصغاء إليهم.
وقد يكون من الصعب جدًا، يضيف الدكتور خوري ان يكون لديك شخصًا قريبًا منك يعاني من هذا المرض ولكنه امر يحتاج الى المزيد من الصبر والتفهم للمرض، ففهمك لاعراض المرض و طريقة علاجه يمكن ان يكون علامة فارقة في علاج المرض ويمكن ان يدعم المريض كثيرًا، ومريض الاكتئاب ليس مريضًا عقليًا، فهو واع لما يحدث حوله، ومن الضروري أن تحترم عائلته إنسانيته ورغباته، ولكن الحال تختلف في بعض حالات الاكتئاب التي يكون فيها المريض هو الطفل وهنا نطلب من الاهل ضرورة مراعاته والاهتمام به، وايضًا اذا كان المريض من كبار السن فيجب الاهتمام به ورعايته وأن يحتووه لأن المريض بالاكتئاب تصيبه نوبات من العصبية، وأن يقفوا بجانبه حتى يجتاز المحنة التي يعيشها، ومن الضروري ألا يعرضوه إلى التعايش مع مشاكل طويلة المدى مما يسبب له القلق والتوتر والاحباط اي توفير الظروف البيئية والنفسية والاجتماعية المناسبة والمريحة التي تساعده على استعادة القدرة على مواصلة حياته بشكل طبيعي.