|
صحة وغذاء /
تحت عنوان "كل ما تظن أنك تعرفه عن التعلم هو خاطئ" يشير غارث سنديم إلى أفضل استراتيجيات الدراسة "المذاكرة"الناجحة.
ويعتبر كل ما هو متبع حاليا في التعلم مغالطات كبيرة، بدءا من تدوين ملاحظات خلال المحاضرات أو الدروس أو التركيز على موضوع متخصص وحتى بيئة التعلم المتماثلة، فهي أخطأء ترتكب ووتؤدي عكس ما تريده من أفضل استراتيجيات التعلم.
ووفقا لروبرت بورك مدير مختبر التعلم والنسيان في جامعة كاليفورنيا، وهو بروفسور علم النفس والتربية ويتمتع بشهرة واسعة في مجالات التعلم والمحافظة على ما تتعلمه في الذاكرةن فإن معظم ممارسات التعليم والتعلم التي يعتمدها المدرسون والطلاب هي ممارسات خاطئة تؤدي إلى نتائج عكسية في أحيان كثيرة.
كيف تتعامل مع مجموعة من مواد الدراسة؟ يظن البعض ان تقسيمها إلى كتل ومجموعات هو أفضل طريقة بحيث ينتقل من تعلم شيء إلى الموضوع الذي يليه، لكن بروك ينصح بالتداخل خلال الدراسة والمذاكرة.
ومثلا، لنقل أنك تتعلم رياضة التنس، فبدلا من بالتركيز على الإرسال لمدة ساعة، يمكنك أن تجمع بين الإرسال ومهارات أخرى مثل الضربة الخلفية باليد والضربات العالية وحركة القدمين، يؤدي ذلك إلى شعور بالصعوبة البالغة لكن لن يشعر الناس بارتباك التعلم مباشرة.
ويجبرك الجمع بين تعلم مهارات التنس معا على تطوير عدة مهارات واكتسابها تدريجيا. ومع الوقت تكبرالخطوات التي تقطعها في رحلة التعلم لتتفوق في حجمها على مكاسب المرحلة التي كنت ستقطعها لتعلم مهارة واحدة وإتقانها بمفردها. يشرح بورك نجاح التداخل بأنه يتيح ترسيخ المعلومات والمهارات في الذاكرة مع ترابطها اشياء أخرى وتصبح فعالية التعلم أقوى.
ولكن هناك محاذير من ارتكاب أخطاء في هذه الاستراتيجية، إذ يجب أن تترابط تلك المهارات مع بعضها أي أن تكون في مجال واحد، فلا تجمع بين تعلم إرسال الكرة في التنس مع معلومات أو مهارات في البرمجة أو الجغرافيا. أما مكان المذاكرة فلا ضير في اعتماد ذات المكان طالما أن ستحاول استحضار المعلومات في ذهنك في ذات المكان، أما لو أردت استرجاع معلوماتك خارج غرفة الدراسة أو المنزل أو المكتبة فستخونك ذاكرتك ما لم تتعود على المذاكرة في أماكن متنوعة. يساعد تداخل المواد وتنويعها عند التعلم مع تبديل المكان في تعلم مهارات كثيرة مثل الرياضيات وإتقان لغة أخرى أو حتى لعبة التنس.
لكن الخطوة الأكثر أهمية التي ترتبط بنجاح التعلم هي وتيرة الدراسة، فلو درست ثم انتظرت فترة لاستحضار ما درسته، فإن الاختبارات تظهر أنه كلما طال الوقت الذي تحاول استحضار المعلومات من ذاكرتك كلما نسيت معلومات أكثر، ولكن إذا قمت بالمذاكرة والدراسة ثم انتظرت وبعدها أعدت دراسة المواد نفسها، فكلما انتظرت أكثر كلما تعلمت وحفظت بعد جلسة الدراسة الثانية التي تقوم بترسيخ المعلومات في الذاكرة.
تمرين الذاكرة لا يشبه مجرد إعادة تشغيل فيلم فيديو، فعملية الاسترجاع المتكرر هي تمرين للذاكرة. هل انتهيت من المحاضرة أو الدرس قبل ساعات وعدت إلى البيت، حاول مراجعة ما تعلمته في نفس اليوم وبعد بضعة ساعات من عودتك إلى البيت، فذلك سيرسخ المعلومات بل سيكون بمثابة تمرين لاستحضار المعلومات، وكلما زادت صعوبة استحضار وتذكر المعلومات كلما زادت الفائدة في ذلك لأن التمرين سينجح في المرات القادمة.
ويشترط لنجاح استحضار المعلومات ترك مدة زمنية مناسبة بحيث تكون الدفعة الأولى من المعلومات قابلة للاستحضار بصعوبة في ذاكرتك. وكلما استعصى تذكرها كلما ترسخت مراجعة تلك المعلومات في المرة التالية، أما إذا تعجلت في مذاكرتها قبل الآوان فلن تحتفظ ذاكرتك بها جيدا.
وينصح بورك بأخذ الملاحظات بعد المحاضرة أو الدرس بدلا من أخذها خلال الدرس لأن ذلك سيجبرك على استرجاع المعلومات وهو أكثر فعالية من مجرد نسخها، والقاعدة السليمة في التعلم هي أنه كلما واجهت المصاعب وعانيت في التعلم كلما تعلمت أكثر وأصبحت تكتسب الكثير من التعلم.
يعتبر الناس النسيان هو عدو التعلم، ولكن ذلك خطأ في حالات كثيرة وفقا لبورن الذي يشير إلى أن النسيان والتعلم يتعايشان معا، كما أن النسيان يساعد عمل الذاكرة واسترجاع المعلومات، ويشير إلى ذلك بالقول: " نظرا لأن البشر يتمتعون بحيز محدود لتخزين المعلومات، فإن استرجاع كامل لكل ما يتعلمه الشخص سيكون ضارا، تخيل لو أنك تذكرت كل أرقام الهاتف التي كانت لديك في منزلك أو لجوالك، ستكون مضطرا وقتها للاختيار من قائمة طويلة من أرقامك هاتفك السابقة كلها عند سؤالك عن رقم عن هاتفك الحالي، ولذلك من المفيد أن ننسى الأرقام القديمة أو ندفنها بعيدا في عقولنا بعيدا عن متناول ذاكرتنا السريعة المخصصة للرقم الحالي".