|
صحة وغذاء /
لعل أكثر ما يقلق المرضى قبل دخول غرفة العمليات هو الخضوع للبنج ومرحلة الاستيقاظ التي تلي العملية والتي تعرف بالهذيان.
في العديد من الحالات وبعد إجراء عملية جراحية وإعطاء المريض بالطبع مادة البنج، فانه عندما تنتهي العملية الجراحية يصاب البعض بمرحلة الهذيان، فمنهم من يرى صورا غير واقعية أو يتكلم أشياءً غير مفهومة قد تكون مخبأة في العقل الباطن أو يصعب التعرف على أقرب أفراد عائلته، والمشكلة ان البعض يصبح في حالة عصبية شديدة.
تقول احصائيات لمعهد العلوم النفسية في العاصمة سان خوسيه ان نسبة ما بين الـ 5 الى 15 في المائة يعاني بعد العملية الجراحية وجراء التخدير العام من بطئ استرداد الوعي او ما يسمى بمرحلة الهذيان بالجراحة، والمعروفة باسم المتلازمة الانتقالية، حتى ان نسبة من يصاب بها لدى الاشخاص ما فوق سن الستين تصل الى الخمسين بالمئة .
وتقول فيرا مونتيرو دكتورة البنج في مستشفى الصحة في العاصمة كوستاريكا ان الهذيان يصيب المريض عادة مباشرة بعد استيقاظه من التخذير، لكن لدى بعض المرضى فان ذلك يحدث بعد يوم أو يومين، والعوراض تكون مختلفة اختلافا كبيرا في طبيعتها وخطورتها، والعوارض المعروفة هي الارتباك وعدم الهدوء الجسدي والتحرك في السرير والتحدث بعبارات غير مفهومة وأمور غير معروفة او الاصابة بالهلوسة. ويعتبر ذلك في معظم الحالات تعطيلا مؤقتا للتفكير.
لكن الامر لا يكون دائما من دون تأثير على المدى المنظور، اذ اتضح ان حوالي 40 في المئة وبعد عام من العملية الجراحية والتخدير، فان قدراتهم العقلية تظل متأثرة حتى انها تكون محدودة بشدة، واذا ما ترك المريض من دون علاج فقد يؤدي ذلك الى حدوث الخرف، الا ان المرضى صغار السن نادرا ما يعانون من هذه العوارض.
وحسب قول الطبيبة لم تعرف حتى الآن الاسباب الدقيقة لهذا التطور الغريب للمريض بعد التخدير العام في العملية الجراحية ولم يتمكن الطب من توضيحها، لكن ما هو مؤكدا ان هذه الحالة تكون نتيجة مزيج من العوامل من أهمها عمر المريض، ويكون الرجل أكثر من المرأة تعرضا للاصابة بالهذيان، وتلعب أمراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم دورا، لكن أيضا نوع العملية الجراحية ومدتها وكمية التخدير التي اعطيت للمريض يلعبان دوار كبيرا، فعمليات كبيرة مثل عمليات القلب أو الردف او كسور في الورك تكون عاملا للهذيان بعد الجراحة.
وما يسبب حالة الهذيان أيضا استعمال الجراح آلة القلب والرئة الاصطناعية خلال عملية القلب المفتوح او تبديل شرايين مسدودة في القلب باخرى. كما وان ما يرافق العملية الجراحية من ضغوطات مثل نقصان السوائل في الجسم وعدم التوازن في كهرباء الجسم واضطرابات في التمثيل الغذائي والأدوية التي يحتويها البنج، تظهر عوامل جانبية تؤدي الى الهذيان.
ويمكن اخضاع المريض لاختبار بسيط بعد خروجه من غرفة العمليات وبعد صحوته من أجل تقييم حالته العقلية ومدى ضعف الوعي لديه، وذلك عبر طرح بعض الاسئلة البسيطة عليه، كما يمكن الحكم على حالته النفسية العقلية ومدى وعيه واذا ما كان بالامكان التواصل معه، فهذا يمكّن الكشف عما اذا كان قد أصيب بحالة من الهلوسة.
فاذا كانت النتيجة ايجابية ، يعطي للمريض الأدوية المعروفة بمضادات الذهان ( نويرولبتكيا)، فتتدخل في عملية التمثيل الغذائي في الدماغ التي سببت لها العملية الجراحية ارباكا وهلوسة. كما وان مخاطر حدوث عتة يجب ان يتقلص. ومن أجل منع حدوث هذيان يجب على المريض شرب الكثير من السوائل، فحسب دراسات جديدة بامكان المريض شرب حتى ليترين من الشاي او الماء قبل ساعتين من العملية الجراحية، واعطاء المريض الماء بعد انتهاء العملية مباشرة عندما يشعر بالعطش والام، لكن الاهم هو مدى عمق التخذير، ويجب ان لا يكون عميقا جدا ولا سطحيا للغاية.
ويتم التخدير العام في الجراحة بمساعدة أنواع من العقاقير تساعد المريض ليكون في حالة اللاوعي، وهذه العقاقير ليست فقط من أجل إسكان الآلام بل أيضا إخماد ردود الفعل والقوة العضلية والدفاعية لدى المريض لكي يكون هادئا خلال إجراء العملية الجراحية وان لا يشعر بالألم او الخوف.