المدونة
الاستعمار في أفريقيا ساعد على ظهور الإيدز
نشرت في: 23 يوليو 2013 من قبل لا يوجد تعليقات

صحة وغذاء /
في الحديث عن تاريخ نشأة مرض الايدز تقول التحليلات إن الاستعمار كان له يد ضليعة في انتقال المرض من الشمبانزي الى الإنسان في الكاميرون منذ 100 عام.

في وقت لا نعلم فيه كافة التفاصيل أو المعلومات المرتبطة بنشأة وباء الايدز، إلا أن سلسلة من الاكتشافات الوراثية الحديثة جاءت لتلقي أضواء جديدة عليه، بدايةً من اللحظة التي تسبب فيها اتصال جرى بين الشمبانزي والإنسان بتغيير مجرى التاريخ.

واتضح، من خلال تلك النتائج، أن بداية الوباء كانت في رقعة أرض صغيرة بغابات كثيفة في جنوب شرق الكاميرون. وكان ذلك في غضون عقدين إما قبل أو بعد عام 1900. كما خلص الباحثون إلى الطريقة التي انتشر من خلالها الوباء، بعدما أمسك أحد الصيادين بشمبانزي مصاب من أجل تناوله، وهو ما سمح للفيروس بالانتقال من دم الشمبانزي إلى جسد هذا الصياد، ربما من خلال جَرح أثناء عملية الذبح.

وفي هذا السياق، أشارت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن لكل مرض تاريخه وملابساته الخاصة، وأنها تتفاوت من مرض لآخر. وأضافت أن الأسباب التي وقفت وراء نشأة مرض الايدز ظلت غامضة وغير معلومة على مدار عقود. لكنها قالت إنه بات من الواضح الآن أن نشأة الوباء قد حدثت خلال الحقبة الاستعمارية التي عاشتها القارة الأفريقية، في ظل تسرب كبير لمجموعات من الأناس الجدد وسبل التكنولوجيا إلى أرض كانت لا تزال تُمَارَس بها الأساليب القديمة.

حيث دخلت القوى الأوروبية في سباق محموم داخل القارة السمراء من أجل الاستيلاء على الثروات والأمجاد في أماكن كانت يتردد عليها الإنسان بصورة متفرقة. وتابعت الصحيفة بالقول إن أكثر الأشخاص تخريباً من هؤلاء الدخلاء كانوا الآلاف من العتالين الأفارقة. فنتيجة لإجبارهم على العمل من جانب القوى الاستعمارية الأوروبية، فإنهم كانوا يقطعون الطرق في منطقة معينة، حددها الباحثون الآن باعتبارها مسقط رأس وباء الايدز، حيث كانت شاهدة على تلك اللحظة التي انتقل فيها الوباء من الشمبانزي إلى الإنسان، وكانت سبباً في أول ظهور لسلالة HIV-1 group M.

وطوال القرن الماضي، كانت تلك السلالة سبباً في وفاة 99 % من جميع حالات الوفاة نتيجة الإصابة بالايدز ليس فقط في أفريقيا، وإنما في موسكو وبانكوك وريو دي جانيرو وسان فرانسيسكو ونيويورك وواشنطن. وقد بدأ هذا كله حين فرض الغرب سيطرته على أرض غير مألوفة، ما كان سبباً في امتزاج المركبات الأساسية لوباء الايدز.

وفي وقت يمكن أن تحمل فيه نوعيات مثل الغوريلا والقرود فيروس يشبه فيروس نقص المناعة البشرية، فقد خلص الباحثون الآن إلى أن سلالة HIV-1 group M قد نشأت من فيروس كان شائعاً بين مجموعة من قرود الشمبانزي متمركزة في الكاميرون.

وقد تطلب تحديد مكان أكثر دقة لنشأة الوباء درجة ملحوظة من الإبداع العلمي. حيث قام فريق من الباحثين الدوليين بقيادة بياتريس هان من جامعة ألاباما في برمنغهام وبول شارب من جامعة ادنبره بتطوير مشروع مفصل للبحث عن فيروس القردة في براز الشمبانزي الذي تم تجميعه عبر رقعة أرض واسعة في جنوب الكاميرون.

وحدد الباحثون بالفعل 10 محطات في المنطقة لتحديد سلالة لا يمكن تمييزها أساساً من الشكل الأكثر فتكاً لفيروس نقص المناعة البشرية. وعُثِر بالفعل في محطتين من تلك المحطات على عينات من الفيروس الذي كان مطابقاً بشكل كبير لسلالة HIV-1 group M التي تسببت في الأخير بمقتل عشرات الملايين من الأشخاص.

ومضت الصحيفة تبرز الجهود التي سبق للباحثين بذلها بغية الوصول إلى مزيد من المعلومات المتعلقة بتاريخ الوباء. ووجد العلماء الذين يدرسون سلالة HIV-1 group M أصنافاً عديدةً ذات صلة، وهي التي يطلق عليها العلماء أنواعاً فرعيةً، واتضح أن كل نوع يحظى بهيكل وراثي مختلف قليلاً وكذلك مسارات مختلفة حول العالم.

ولفتت الصحيفة بعدها إلى الوسيلة التي استعانت من خلالها القوى الاستعمارية بالعمالة اليدوية لنيل ما تريده، من خلال العبودية التي كانت تتيح لهم القوة العضلية الرخيصة تحت تهديد السلاح. وكان يحتاج هؤلاء العمال إلى تطوير خطوط سكك حديدية ومحطات تداول ومهاجع. وفي كانون الأول ( ديسمبر ) عام 1895، سمعت السلطات الاستعمارية الألمانية عن تقارير تتحدث عن أن منطقة جنوب شرق الكاميرون تحتوي على مخزون كبير من العاج والمطاط. وقد سمح الألمان بعدها لشركة استعمارية بأن تفرض سيطرتها على تلك المنطقة بالقوة. وعلى مدار الأعوام الأربعة التالية، بسط الألمان نفوذهم في كافة أنحاء المنطقة وأنشأوا محطة تداول على نهر يدعى نغوكو. وكان الفيروس قد نشأ حينها أو نشأ بعدها بفترة وجيزة.

وقد تلا نشاط التجارة في المطاط بجميع أنحاء الكاميرون ظهور عدة أمراض كان أوضحها مرض النوم والجدري والالتهابات الجلدية. وهو ما حاولت أن تتصدى له السلطات الاستعمارية، لكن محاولاتهم لم تكلل بالنجاح، وقد انتشر مرض الجدري بالأخص. ورغم اعتراف الصحيفة بأن الواقعة التي قام فيها أحد الصيادين بذبح شمبانزي لتناوله، ونوهت بها في بداية حديثها، ربما تكررت عدة مرات قبل ذلك، خلال القرون التي كانت تتصل فيها المنطقة بشكل محدود مع العالم الخارجي، إلا أنها قالت إنه ونتيجة لتزايد عمال العتالة إبان الفترة التي حدثت بها تلك الواقعة – من الرجال والسيدات – وعبورهم المنطقة بانتظام، فقد تزايدت فرص انتقال الفيروس بعيداً صوب محطة تداول تم إنشاؤها على ضفة النهر مثل المحطة التي أطلق عليها مولوندو.

إضافة تعليق

يجب ان تقوم بتسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

البحث
  • تابعونا على
مجلة حوامل النسائيه , موقع حوامل
© 2024 جميع الحقوق محفوظة