|
يتوقع علماء جامعة بيركلي الأميركية أن يكون بروتين سيرتوين، الذي يبطئ عملية الشيخوخة، إكسير حياة يمنح البشر شبابًا دائمًا، في سعيهم الحثيث إلى الحياة الأبدية.
فلطالما بحث الانسان عن إكسير الحياة، وعن تحقيق حلم نافورة الشباب الدائم، والعمر الطويل بلا شيخوخة. كان الأمر حلمًا، حتى طرحت دراسة جديدة، تناولت بروتين سيرتوين وعمله في تجديد خلايا الدم، السؤال المثير: هل اقترب الانسان من الحياة الأبدية؟
فقد أحرز باحثون في جامعة بيركلي في كاليفورنيا تقدمًا كبيرًا في فهم آليات التقدم بالعمر والشيخوخة، من خلال التحكم بكميات بروتين سيرتوين في الدم، يأملون في أن يفتح ذلك بوابة أمل واسعة لعلاج الأمراض التنكسية التي تظهر مع التقدم في السن، وأن يحقق انجازات علمية قد تريح ملايين المرضى الذين يعانون الأمراض التي تفتك بأجسادهم، بسبب الشيخوخة.
وفي دراسات سابقة، توصل العلماء إلى معرفة دقيقة بعمل الجينات وأثرها في تحديد سير أليات التقدم بالسن، وأدركوا أن حدوث طفرة في جينة واحدة يمكن أن يؤدي فعليًا إلى إطالة العمر، أو إلى محاربة أمراض مستعصية مثل الزهايمر والباركنسون وغيرهما، على الأقل.
كما يطور باحثون في معهد ماساتشوستس الاميركي للتكنولوجيا علاجًا واعدًا لمرض ألزهايمر، باستخدام مركبات تنشط بروتين سيرتوين، ما سلّط المزيد من الضوء على دور هذا البروتين في حماية أعضاء الجسم المختلفة ضد المرض بتكثيف عملية الوقاية.
عكس الشيخوخة
إعادة عقارب الزمن إلى الوراء حلم، أو خيال علمي استخدمه منتجو ومخرجو هوليوود في أفلام بدت مستحيلة، أحالها الزمن حقيقة ماثلة امام العيون.
اليوم، اكتشف الباحثون في بيركلي أن حقن الخلايا الجذعية في فئران مسنة ببروتين SIRT3، أحد بروتينات عائلة سيرتوين يساعد هذه الخلايا على تشكيل خلايا دموية جديدة، وهذا دليل على وجود انعكاس في عملية التقدم بالسن في وظيفة الخلايا الجذعية. إنه تمامًا كما غرس جينة طول العمر في الخلايا الجذعية.
وقالت دانيكا تشين، المسؤولة عن الدراسة والأستاذة المساعدة في معهد بيركلي لعلوم التغذية وعلم السموم: “نعلم فعلًا أن سيرتوين ينظم عملية الشيخوخة أو يؤخرها، لكن دراستنا هي الأولى التي تسعى إلى إثبات أن هذا النوع من الجزيئيات البروتينية قادر على عكس الضمور المرتبط بالشيخوخة”.
اضافت: “هذا اكتشاف مذهل للغاية، يفتح الباب لاستنباط علاجات محتملة للأمراض التنكسية المرتبطة بالتقدم في السن”.
تمديد الحياة 30 بالمئة
كانت التجارب في بيركلي تميل إلى استكشاف علاجات لهذه الأمراض المرتبطة بالشيخوخة، إلا أن العلماء أداروا دفة تجاربهم نحو استخلاص اكسير الحياة من بروتين سيرتوين، والبحث عن سر الخلود، بعدما اكتشفوا تأثيره في الفئران، التي أطال سيرتوين عمرها بنسبة 30 بالمئة.
وحين استمر العملاء في التجارب، وجدوا أن إزالة بروتين سيرتوين من الخمائر والديدان والذباب تسبب تسريعًا في عملية الشيخوخة، وأدت إلى موتها المبكر، بينما نتج من زراعة المادة نفسها تمديد متوسط حياتها المتوقع.
والجدير ذكره أنه تم العثور على سيرتوين في المدة الأمينية التي تساعد الخلية على النمو. وأظهرت الدراسات السابقة أنه من الممكن تنشيطها من خلال تقييد السعرات الحرارية، وهو ما ثبت تأثيره في إطالة عمر الحيوانات التي أجريت عليها الاختبارات.
الأكسدة هي العدو
إن كان بروتين سيرتوين يطيل البقاء، فما الذي يقصر أمده؟ إنها المواد القادرة على إتمام عمليات الأكسدة في الخلايا. فلقياس آثار الشيخوخة، درس العلماء وظيفة الخلايا الجذعية، المسؤولة عن صيانة وإصلاح الأنسجة، وهي وظيفة تنهار مع تقدم العمر. وركزت الدراسة على الخلايا الجذعية في الدم، وذلك بسبب قدرتها على إعادة تشكيل نظام الدم بالكامل. فوجدوا أن الخلايا الجذعية في الدم داخل الخلايا الفتية تعمل جيدًا لأنها تتمتع بمستويات منخفضة نسبيًا من عوامل الاكسدة.
في هذه المرحلة المبكرة من العمر، يمكن أن تتعامل دفاعات الجسم الطبيعية المضادة للأكسدة بسهولة مع انخفاض مستويات التوتر، لذلك فإن الاختلافات في نسبة سيرتوين تكون أقل أهمية. لكن مع التقدم في السن، يضعف هذا النظام، وتشوبه العراقيل، فيتوقف عن العمل. ويقوم الجسم بتوليد الإجهاد التأكسدي، وعندها يصبح سيرتوين مهمًا لكبت عوامل الأكسدة.
وعندما يتوقف الجهاز المضاد للأكسدة عن العمل، ترتفع حاجة الانسان إلى سيرتوين من أجل تعزيزه. لكن المشكلة هي أن بروتين سيرتوين بدوره ينقص مع التقدم في العمر، وهنا تكمن المشكلة. لذا يخلص الباحثون إلى ان جرعات مصنعة من هذا البروتين، على مدى أوقات ممتدة من العمر، مفيدة لتقييد عوامل الأكسدة، وبالتالي إتاحة الفرصة للخلايا الجذعية لتستعيد دورها الإحيائي.