|
رغم الحب الفطري الذي يسكن قلب كل «أم» تجاه جنينها..رضيعها..طفلها، هناك أمهات يفرحن بحملهنّ وإنجابهن مرة واثنتين وثلاثا وأربعا، وكأنه الطفل الأول!
وأخريات يعلنّ منذ البداية عدم رغبتهنّ في استقبال حمل جديد لأسباب وظروف خاصة بهن، وأسوأها من كانت تريده ولدا وعرفت أنها بنت، أو العكس! وبين الحالتين لمن تحسم العواطف؟
«ابتسام»
بحب واشتياق انتظر طفلي الخامس!
قبل 4 سنوات و6 أشهر كنت أعتقد أنني حققت الصورة النموذجية للعائلة المكتملة بأربعة أبناء ووالديهم، مُسلمة بخفوت رغبتي في الحمل، وعشت حياتي، لم أستخدم وسائل لمنع الحمل أو تأخيره، وهاأنا اليوم أنتظر طفلتي وأستعد لولادتها بعد 3 أشهر بالتمام والكمال، أشعر بسعادة غامرة، والأولاد من حولي سعداء متحمسون.
تسألونني عن سر سعادتي؟ أجيب: هي متعة الإحساس بالعطاء وممارسة الأمومة من جديد، ولماذا لا أقول: هي مشيئة الله، وكل طفل يأتي برزقه!
ولن أذهب بعيدا، «ديفيد بيكهام» لاعب كرة القدم المعروف وزوجته الجميلة «فيكتوريا» ينتظران ولادة طفلهما الرابع وهما سعداء للغاية!! حتى « إنجلينا جولي» و«براد بيت» النجمان العالميان يعدان العُدة للبحث عن الطفل الخامس.. وينتظرانه مثلي!
كلام في السر: إحساسي بالحمل وبروز بطني أمامي، والسمنة التي بدأت تظهر على ملامح وجهي فأدارته، أضفت عليَّ إحساسا أنثويا جميلا! بتُّ أسير فرحة منتشية بأرجاء منزلي، وكأني عُدتُ عروسا من جديد تنتظر المجهول بداخلها! أتعامل مع زوجي بحب ولهفة تزداد يومًا بعد يوم كامرأة عاودها الشباب من جديد!
3 أشهر وأضم ابنتي إلى صدري، وأُرضعها من لبني فتهدأ وتستكين. قلبي لا يسعني من الفرحة، ابنتي ستكون صديقتي؛ إن تعبت ساعدتني، وإن مرضت حملتني على راحتيها وأسعفتني، سأحفظ سرها، وأشاركها مشاكلها وأشركها في فرحي، سأعطيها خبرة تجاربي وأعلمها حروف الحب؛ كيف تستقبله وتعيشه، سأجعلها أسطورة يتحاكى بها البشر.
صديقاتي يتندرنّ بي: تقتربين من الأربعين وتنجبين؟ كيف تشعرين بالسعادة، ولديك 4 من الأبناء؟ أين ستأتين بالوقت؟ من سيرعى بيتك وزوجك وأولادك؟ ألا تخافين ميزانية طفل خامس؟ ويا سهر الليالي!!
أصارحكن القول، لفترة شعرت بضغوط نفسية، لكن سرعان مازالت بتوالي أشهر حملي، وإحساسي بحركة الجنين بداخلي، لن تصدقوني؛ قدوم طفلتي جعلني أكثر اهتماما بنفسي؛ بطعامي ورشاقتي وهندامي، جعلني أتقرب إلى الله أكثر وأكثر ليُكرمني ويشد من أزري، فطردت خوفي وأبعدت تذمري ورفضي وتقبلت حملي.
بدأت بتقسيم المهام والمسؤوليات على الكبير والصغير من أبنائي، كبيرهم في العاشرة لأتفرغ للقادم الجديد، أعدتُ تنظيم حجرات البيت، وأفسحت لحاجات الصغيرة مكانا في خزانتي، اشتريت أسرّة بدورين، وجعلت من البلكونة حجرة للمكاتب.
في غمرة فرحتي نسيت أن أخبركن، مشاعر زوجي مازالت مصدومة، ومفاجأة حملي جعلته يعيد ترتيب أوراقه من جديد متسائلا: ماذا أفعل؟ وماذا ستفعلين؟ ومازلت أستعين بخط دفاع أنثوي، والنتيجة: لم تمر سوى أشهر وأيام قليلة إلا وبدأنا نخطط معا لاستقبال الضيف الجديد.
تماضر «un wanted child»
بخوف واحتراس أنتظر طفلي السادس!
بوضوح شديد لم أكن أتوقع الحمل! فأنا لم أستفق وأرتاح بعد من خدمة ورعاية بناتي الخمس؛ الكبيرة ما زالت تحتاجني -7سنوات- ومن يصغرنها يسرقنني من نفسي وزوجي وتفاصيل حياتي حتى الآن!
وبصراحة حملي جاء ربما لعدم فاعلية الوسائل التي استخدمتها، وما يخيفني أنني أسمع وأقرأ كثيرا عن الأثر السيئ للحمل الذي يحدث على فترات متقاربة على صحة الجنين أثناء نموه داخل الرحم؛ مما يزيد من معدل حدوث الإجهاض أو التشوهات!
وفي حالتي لم يمر سوى عام واحد على آخر ولادة لي! مما جعلني أخاف وفاة الجنين بداخلي، وإن عاش فهناك نقص بمعدل ذكائه -كما يقول العلماء- أخشى أن تنتابه الأمراض، وما يحزنني حقيقة أنني كنت أتمناه ولدا بعد إنجاب 5 بنات!!.كل هذه الأفكار والخيالات المريضة اجتاحتني طوال الأشهر الأولى للحمل، وبمجرد أن أكد لي الطبيب: «حملك يسير بصورة طبيعية» انقلبت حالي وتغيرت مشاعري!!
أصبحت متلهفة على تلمس حركات جنيني وسماع سكناته، وكأنني حامل لأول مرة، وأمام هذا التقلب الغريب كان عليَّ الذهاب للطبيب النفسي لتستقيم مشاعري، فالطريق أمامي طويل، مُثقل بالمهام والمسؤوليات.
بداية أخبرني بحتمية التقبل النفسي الصادق للحمل والجنين، بل حذرني من أثر رغبتي في أن يكون القادم ذكرا؛ لأنه سينعكس شعوريا أو لا شعوريا على أسلوب تربيتي له!! والذي يترجم في صورة قسوة في التعامل؛ عقاب لأتفه الأسباب، عدم الاستجابة -أنا ووالده- لرغباته، بشكل يُشعر الطفل في النهاية بأنه غير مرغوب فيه!
كلامه أخجلني، وبث في قلبي الخوف، وجعلني أعيد النظر فيما أفكر وما كنت أرفض، ثم دعم كلامه بحديث قرأه بصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية يقول: إن هناك دراسة أُعدت على مجموعة من الأبناء تتراوح أعمارهم ما بين -8 إلى 14 عاما- والسؤال الموجه إليهم عن ترتيب أجمل كلمة يشعرون بها في اللغة الفرنسية؟!
جاءت «amour» وتعني الحب في المرتبة الأولى، تبعها «mere» وتعني «الأم » في المرتبة الحادية عشرة، و«pere» الأب جاء رقم «25».
تيقنت بعدها أن الطفل -ولدا كان أم بنتا- لا يحتاج للطعام أو الشراب قدر احتياجه للحب، وما انحراف الأحداث إلا من افتقاد هذه المشاعر مجتمعة!
وجاء وقت العمل، زوجي أعلن مد يد المساعدة في شؤون البيت والأبناء، وربما جلب معاونة من الخارج، قررنا استبدال عربة أخرى تسعنا بعربتنا، وجلسنا معا لنشرح لبناتنا الخمس قدوم ضيفة جديدة، أخت سادسة، وأختم تجربتي بالقول: إن الإنسان لا يعرف أين الخير؟ وفي أي ابن أو ابنة سيكون؟ ادعوا لي بالسلامة.