|
كل رجل ينتظر مولوداً لأول مرة يحمل بعض الأفكار والمعتقدات حول الأبوة، ويستمد هذه الأفكار من تجربتهِ الخاصة مع والديه، وكلما تعمق الوالد أكثر في تصوراته وتوقعاته حول الأبوة وحاول إستيعابها، كلما حظي بفرصة أكبر للوصول إلى صورة الأب التي يتمناها “صورة الأب المثالي”، وهذه الصورة تأتي نتيجةً لتلبية الإحتياجات والمستلزمات الخاصة بالعائلة تزماناً مع التطور في هوية الرجل كوالد منذ الوقت الذي تحمل به زوجته وحتى السنوات الأولى من حياة طفله، ولمعالجة المعتقدات الخاطئة عن الأبوة لابد من الوقوف على الحقائق الكامنة ورائها وإليك أيها الأب التفاصيل:
– المعتقد الخاطئ الأول عن الأبوة .. إن مشاعر الأم التي تنتظر مولوداً وحدها الهامة ..
يتغير جسم الأم خلال الحمل ويؤدي التركيز على عملية الإنجاب إلى الإعتقاد بأن مشاعر الأم وحدها هي التي تهم، ولا شك في أن قلق الأب على صحتها النفسية والجسدية أمرٌ أساسي أثناء الحمل وبعد الإنجاب، لكن لمشاعره أيضاً مكان، ومن السهل أن يتحدث الرجل الذي ينتظر مولوداً عن الجوانب الإيجابية للأبوة، لكن يصبح الأمر أصعب لدى التطرق إلى مشاعر الخوف والقلق التي تنتابه .. هل سأصاب بحالة إغماء أثناء الولادة؟! هل ستظهر أي مضاعفات صحية؟! هل ستتغير علاقتنا في مرحلة ما بعد الولادة؟! هل سأستمر في عملي وألعب دور الأب الذي أرغب به في الوقت نفسه؟!
تحتاج زوجتك إلى أن تشاطرها أحاسيسك، فالعديد من الرجال يكتمون مخاوفهم حول الحمل والأبوة لأنهم لا يريدون أن يزيدوا من مخاوف زوجاتهم، لا تقلق من الإثقال على زوجتك فمعظم النساء يتقن هذا النوع من التواصل مع الزوج ويعرفن أن للأبوة تحدياتها، وإن البوح بمخاوفك لزوجتك يقربكما من بعضكما، ويمكنك أيضاً التواصل مع رجال آخرين ينتظرون مولوداً، اقرأ كتاباً جيداً عن الأبوة على سبيل المثال، ولا تتردد في التعبير عن مشاعر الضعف والحماسة التي تنتابك حيال الموضوع، فإذا واصلت لعب دور الرجل القوي، ستخسر الإتصال والتواصل مع جزء كبير في شخصيتك، لكن لو عبرت عن مخاوفك أثناء الحمل وفي المرحلة الأولى من الأبوة، فإنك تحطّم المعتقد الشائع بأن الرجل لا يرافق زوجته خلال هذه العملية.
– المعتقد الخاطئ الثاني عن الأبوة .. لا يحتاج المولود الجديد إلى والده ..
ستكون العلاقة قوية بين زوجتك ومولودك الجديد، خصوصاً إذا كانت تقوم بالرضاعة الطبيعية مما يجعلك تتسائل عن حاجة طفلك إليك فعلياً، ولا شك أنّه يحتاجك فأنتَ شخص هام في حياته والجلوس معك يطمئنه ويشعره بالأمان، ومن أجل إقامة علاقة وثيقة مع طفلك الجديد، إحمله بين ذراعيك، وهدهده وإهمس له ببعض الكلمات، لكن حين يكون قد أكل وشبع حتى تحصل على إنتباهه الكامل، كما أن إنتظاره حتى يأكل للإهتمام به، سيساعد زوجتك في أخذ قسط من الراحة بعد الرضاعة.
ويمكنك المساعدة في إرضاع طفلك إذا كانت زوجتك تقوم بشفط الحليب وتضعه في الزجاجة (القنينة) أو إذا قررت اللجوء إلى الحليب الإصطناعي كمكمل لحليب الثدي، ويمكنك أيضاً مساعدة طفلك بشكل غير مباشر من خلال مساندة زوجتك في أعباء الحياة اليومية مما يخفّف عنها الضغط ويتيح لها بالتمتع بفترة إسترخاء أكبر مع طفلها، وتذكر أن مشاركتك تصنع فرقاً للعائلة كلها.
– المعتقد الخاطئ الثالث عن الأبوة .. الرجل لا يعرف كيف يهتم بالطفل ..
تمنع هذه الكذبة الكبيرة الأب من إقامة علاقة مع طفله وتسبب القلق لدى الأم الجديدة التي تخشى أن يعجز زوجها عن تولي أمر مولوده الجديد، حتى طبيب الأطفال “سبوك” صاحب أكثر الكتب مبيعاً، حذر في كتابه الأول من أن الأب عموماً “غير بارع” في التعامل مع طفله، إلا أنه غير رأيه في الطبعات اللاحقة ويمكنك أنتَ أيضاً القيام بالمثل، ونعرف اليوم أنه بإمكان الوالد رعاية الطفل، فالأم والأب على السواء يتعلمان كيفية الإهتمام بصغيرهما، وستعرف ما هي إحتياجات طفلك إذا قضيتَ وقتاً معه.
– المعتقد الخاطئ الرابع عن الأبوة .. الرجل الذي يركز على طفله لا ينجح في مهنته ..
غالباً ما يتم إقناع الرجل بأن العمل هو المصدر الوحيد لنيل إحترام المحيط والمجتمع، والرسالة غير المباشرة الكامنة وراء ذلك أن الرجل الذي يقدم تضحيات ويختار العائلة على التطور المهني إنما يفعل ذلك لأنه عاجز عن النجاح في مهنته، إلا أننا نشهد اليوم بداية تحول في المعايير الثقافية في المجتمع، فقد إرتفع عدد الرجال الذين يجدون في الأبوة معنى لحياتهم ما يعزز موقع الآباء، حتى أن بعض الرجال يتخلون عن الإرتقاء المهني لقضاء وقت أطول مع أسرهم لأنهم يحبون إحساس الأبوة وليس لأنهم غير أكفاء مهنياً، كذلك زاد عدد الرجال الذين يعتبرون أن لعب دور الأب المثالي هو إنجاز جوهري في حياتهم.
– المعتقد الخاطئ الخامس عن الأبوة .. مصيرك أن تكون كوالدك ..
ستعرف قيمة والدك عندما تصبح أنتَ والداً، ومن الطبيعي التفكير بأنك ستسير على خطى والدك في الأمور السيئة والجيدة على السواء، لكن ليس ضرورياً أن يكون والدك مثالك الأول في مسألة الأبوة، فهو يشكل جزءً صغيراً من صورة الأب التي تريدها لنفسك، إبحث عن نماذج أخرى التقيتَ بها في حياتك بمن فيها الأساتذة، والزملاء، والأصدقاء، وخالك أو عمك، وأشقاؤك وكون هويتك الخاصة كوالد.
وليس هناك دليل على وجود نموذج أبوة واحد يُحتذى به، فالأمر يختلف بإختلاف الحضارات والثقافات، ففي بعض الثقافات الأفريقية، “الأب” هو مجموعة رجال وليس فرداً واحداً، وما يبني المجتمع هو هوية الأبوة بهدف تلبية حاجات الثقافات الفردية، وهذا بالضبط ما فعله أجدادنا، فبالنسبة إليهم الأب المثالي هو الذي يؤمن للعائلة المأوى والمأكل والتعليم، والأرجح أن آباءنا لم يقضوا معنا الوقت الذي نرغب بتمضيته مع أطفالنا، إلا أنهم قاموا بما يعتبرونه الأفضل لنا وفق الحاجات العائلية والإجتماعية التي كانت سائدة في زمنهم.
أنت أيضاً عليكَ إختيار الأنسب لعائلتك، إعتبر الأبوة دوراً تتطور فيه تدريجاً مع إكتشافك المزيد حول هذا الدور، ويُمكنك الإبقاء على الإيجابيات التي ميزت عائلتك مع إضافة لمستك ومقاربتك الخاصة.
كيف يمكنك تخطي المعتقدات الخاطئة عن الأبوة؟!
– خذ وقتك في التفكير حول تأثير الأبوة عليك وعلى حياتك، تشاطر مع زوجتك الأحاسيس أو مع آباء جدد أو رجال آخرين ينتظرون مولوداً.
– إحتضن طفلك، وهدهده وتكلّم معه منذ ولادته.
– تعلّم كيفية إطعامه مثلاً وكن جزءً من حياته اليومية.
– فكر في التضحيات التي قد تقوم بها في مهنتك لقضاء وقت أطول مع طفلك.
– خذ الأفضل من والدك، ومعلميك، وزملائك، وأصدقائك، وأقربائك لتكوين هويتك الخاصة كوالد، ويُمكن لكل شخص رعاك أن يكون مثالاً جيداً تحتذي به.
وبتطبيقكَ لهذه الخطوات ستتخلص من المعتقدات الخاطئة عن الأبوة وستكون الأب المثال لأطفالك -إن شاء الله- ..
المصدر: بيبي سنتر آرابيا.