|
أصبحت أمنيات طفل اليوم ومواصفات هديته تفوق عمره فبعد أن كانت أقصى أمنياته أن يحصل على “دراجة” أو سيارة “بالريموت كونترول” كمكافأة على إنجازه ونجاحه.
بات يطلب “آي باد” و”جالكسي تاب” وجهاز جوال وبلاي ستيشن ومع كل إنجاز إصدار جديد لها.
طفل اليوم غير طفل الأمس والوالدين اليوم أقل جلداً وأقصر نفساً في تربية أطفالهم فالهدايا والألعاب تقدم للطفل بمناسبة وغير مناسبة وأحيانا حب الوالدين للاستهلاك أو تعويضاً عن الحرمان الذي عانوه في طفولتهم، حتى علق في ذهن الطفل مبدأ المقايضة وأن لكل شيء مقابل.
وميزان الثواب والعقاب عند الوالدين مختل، وقيمة الهدية الحقيقية ومتى تكون مفقودة، مع أن الأخصائيين في التربية يشددون على منطقة وسط بين الحرمان و الهبات وتربية الطفل على بيئة منظمة معلن فيها وسائل الثواب والعقاب وأن مشاركة الأهل طفلهم بألعابه تزيد من قيمتها للطفل و تحقق أهداف تنمية سلوك ومهارات الطفل.
وفي الغالب من يباشر مكافآت الطفل هي الأم وبعض الأمهات لا جلد لها في تحمل إصرار الطفل على شيء معين أو بكائه فتسلم قبل أن يستسلم كما هو حال “أم سديم” تتعامل مع طفلتها بهدوء إذا كانت مرتاحة نفسيا والعكس صحيح وترى أم سديم أن العقاب والحرمان أكثر تأثيرا.
واعتمدت أم يزيد نظاما تراه أفضل مع أطفالها وهو نظام المقايضة “عطني وأعطيك، اسمع كلامي واسمع كلامك” وتعترف أنه نظام فاشل ولكن تضطر إليه كثيرا خاصة عندما يرفض طفلها طعامه.
ويرى استشاري سلوك ونمو الأطفال الدكتور صالح الصالحي أن الطفل في سنواته الخمس الأولى يتكيف و يتقيد بدقة بأنظمة وقواعد المنزل إن وجدت ويندمج بالروتين المنزلي بسهوله ولكن للأسف أن معظم المنازل لا يوجد بها نظام وروتين معزز لسلوك الطفل مثل نظام الثواب والعقاب والمكافئات.
وأضاف “لا يجب أن يتعلم الطفل بأنه يستطيع الحصول على ما يريد بالبكاء أو الاحتجاج بل بالاستحقاق فرغبات الطفل لا تقف عند حد”.
ويعتبر التجاهل علاج علمي مدروس في حالات نوبات الغضب عند الطفل غير المبررة كما أن اختفاء الوالدين عن الطفل حينها تعجل بإطفاء هذا السلوك.
وتعترف هدى السليمان أن شراء الهدية للطفل يكون كمكافأة له وأحيانا حب الشراء والاستهلاك من قبل الوالدين وقالت “أحيانا تكون الهدية تفوق عمره ولا يعرف استخدامها فقط لتقليد أقرانه جيل الآي باد والجالكسي”.
وهنا يؤكد الصالحي على ضرورة و جود الألعاب التعليمية في المنزل والمتوافقة مع عمر الطفل لتقوية وتعزيز بعض المهارات ويجب ان تكون الهدايا الأخرى تحفيزية او تستحق بحسن أداء و تنفيذه لمهام إضافية.
وأضاف أنه لا يجب أن يكون نظام المكافئات يومي بل بنهاية كل أسبوع عن استحقاق يومي من خلال جدول أو نقاط يومية لسلوكيات يتفق عليها مسبقا تحقق يوميا وتكافئ الطفل عليها أسبوعيا.
وقال أيضا “يمكن مضاعفة المكافئة أي ترحيلها لتكون شهرية على عكس العقاب الذي يجب أن يكون آني فكثرة الهدايا تفقدها قيمتها”.
فيما ترى موضي الحميد أن البذخ في الهدايا مفسدة ودلال زائد ومحاولة تطبيق مقولة “ابني ليس أقل من غيره” وقالت “أنا شخصيا جعلت رضاي عن أولادي أهم شيء يحاولون الحصول إليه وإذا كانت هناك هدية أناقشهم عن سلبياتها وإيجابياتها حتى نتوصل للهدية المناسبة”.
ولعل الأسرة السعودية تواجه تحديا أكبر في تربية أطفالها والخروج من عقدة المقارنة بين بعضها البعض كون الأسرة السعودية ذات شبكة اجتماعية مترابطة ومتقاربة في النمط وتؤثر في بعضها البعض إلا أن الدكتور الصالحي يؤكد أن الإنغماس في مسلسل المقارنات غير منتهي غالبا ما يعزز السلوك السيء للفرد والأسرة وعليها أن تقوم بالتربية الصحيحة المبنية على أسس علمية وموروث ثقافي تاريخي.
ويأسف لما يراه من إسراف ومبالغة في الشراء والتنافس على ذلك بين الأسر مع التنافس المتنامي في تدليل الأطفال والمراهقين وفي المقابل تهمل التنافس على السلوك الحميد المعزز للسلوك الإنساني.
ويشير الصالحي إلى أهمية البديل للهدايا العينية وهو حضن الأم أو الأب للطفل حال أدائه عملا إيجابيا مع التذكير بهذا العمل الإيجابي حيث له تأثير نفسي أكبر بكثير من أي هدية عينية وهذا التأثير تراكمي أي يزيد بزيادة هذا النوع من المكافئات, كذلك القراءة للطفل أو الخروج معه في نزهة بسيطة تعتبر بدائل أكثر تأثيرا في نمو وسلوك الطفل من الهدايا العينية.